جين
ويذكر الأستاذ الندوي رأي جين ويعلق عليه:
ويقول جين: "لم ينجح في الامتحان العسير، رسول من رسل الأولين- من بداية أمره كما نجح محمد صلى الله عليه وسلم، حيث عرض نفسه – بادئ ذي بدء- بصفته رسولا يوحى إليه على الذين عرفوا ضعفه البشري، وعرفوه أكثر مما يعرفه غيرهم فعرض رسالته على زوجه وعبده العتيد، وابن عمه، وصديقه القديم الذي لم يتحول عنه ولم يخذله، وهؤلاء هم الذين سبقوا الناس إلى الإيمان بنبوته، إن نصيب الأتقياء انقلب في حق محمد، وتغير عما كان عليه، فيمن مضى من الرسل.. فلم يكن محمد غير محبوب إلا من الذين لم يعرفوه" فهذه الشهادات تؤكد على أن من كان أعرف الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم وأقربهم إليه ،كان أشدهم إيمانا برسالته ،وأما الرسل الآخرون فكان الأجانب والغرباء الذين لم يعرفوهم إلا قليلا، وهم الذين كانوا أكثر معرفة بهم.
وهكذا كان المؤمنون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، هم أعرف الناس بحقيقته، وأكثرهم إطلاعا على أخلاقه وسننه وهديه، وقد لقى كل منهم – في سبيل هذا الإيمان - بلاء عظيما، وامتحن امتحانا شديدا، حتى إن خديجة: زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قضت معه ثلاث سنوات محصورة في شعب أبي طالب: تقاسي معه الجوع والظمأ والفاقة المهلكة.
وأبو بكر صَحَبَ النبي صلى الله عليه وسلم، يوم ضاقت به أرض مكة، فخرج معه مرتديا ظلام الليل: خائفا يترقب، والعدو في أثرهما يتعقب مواطئ أقدامهما، فقام أبو بكر بحق الصحبة، وكان الوفي بعهد الصداقة.
أما علي، فبات على فراش الرسول الذي كان المشتركون قد بيتوا الفتك به. وعبده زيد حل من النبي الكريم محل الولد: بعطفه عليه ورأفته به، فلما جاء أبوه الذي وُلد من صلبه يطلب رد ابنه عليه، خيره رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أن يصحب أباه أو أن يبقى تحت جناحين من عطف الرسول ورأفته، فاختار صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، على الرجوع مع أبيه إلى قبيلته.