العودة للصفحة الرئيسية

كيف نتعامل مع الحدث؟!
لا ينبغى أن يقال عنََّا: سريعاً ما يثورون، ثم سريعاً ما يهدؤون، ولا أن نوجه طاقة الانفعال والغضب فى غير محلها الصحيح، فلابد من الانضباط الشرعى فى كل تصرفاتنا.
أولاً: علينا ابتداء أن نلوم أنفسنا إذ العيب فينا
ولا نعيب على العدو حقده لأنَّ ذلك أم مفروغ منه. قال تعالى: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ). [النساء 89]
ونعلم أن طريق النصرة يبدأ من الداخل (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). [الأنفال 53]
(إِنَّ اللَّهَ   لاَ   يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ). [الرعد:11]
ثانياً: أن لا يتزعزع يقيننا بأنه مهما تكالب الأعداء على هذا الدين فإن نصر الله قادم
قال صلى الله عليه وسلم : (بشر هذه الأمة بالنساء والدين، والرفعة والنصر، والتمكين فى الأرض)
[رواه الإمام أحمد فى مسنده وصححه الألباني]
نوقن بأنَّ الله ناصره رسوله صلى الله عليه وسلم  : (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ) [التوبة:40]
وعاصمه: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة:67]
وكافيه: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر:95]
وسينتقم له: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [التوبة:61]
قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً) [الأحزاب:57]
وقال تعالى: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) [الكوثر:3]
فانتظر عدو الله حرب الله: قال النبي صلى الله عليه وسلم : يقول الله تعالى: (من عادى لى وليا، فقد آذنته بالحرب) [رواه البخاري]
فكيف بمن عادى سيد الأولياء؟ وكيف بمن استهزأ بخليل الله وأحب خلق الله إليه؟
والله لترتعد فرائصهم ويرعبون
عن عروة رضى الله عنه قال: قلت لعبد الله بن عمرو ابن العاص: ما أكثر ما رأيت قريشا أصابت من رسول الله صلى الله عليه وسلم  فيما كانت تظهره من عداوته؟
فقال: لقد رأيتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما فى الحجر فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم  فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط، سفه أحلامنا، وشتم آباءنا وعاب ديننا، وفرق جماعاتنا، وسب آلهتنا، وصرنا منه على أمر عظيم.
قال: فبينما هم فى ذلك طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل يمشى حتى استلم الركن، ثم مر بهم طائفا بالبيت، فغمزوه ببعض القول، فعرفت ذلك فى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم  فمضى، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها، فعرفتها فى وجهه، فمضى فمر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها، فقال: أتسمعون يا معشر قريش؟ أما والذى نفسى بيده لقد جئتكم بالذبح.
فأخذت القوم كلمته، حتى ما منهم من رجل إلا وكأنما على رأسه طائر وقع، حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفأه، حتى إنه ليقول: انصرف أبا القاسم راشداً، والله ما كنت جهولاً فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم . [رواه الإمام احمد في مسنده وصححه الألباني]
وقد سطر التاريخ مشاهد ومواقف لانتقام الله ممن آذى رسوله.
(أ) عاجل العقوبة لمن آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن ابن مسعود رى الله عنه قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم  يصلى عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، إذا قال بعضهم لبعض: أيكم يجيء بسلا جزور بني فلان، فيضعه على ظهر محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم فجاء به، فنظر حتى سجد النبي صلى الله عليه وسلم  ووضعه على ظهره بين كتفيه، وأنا أنظر لا أُغَيِرُ شيئاً، لو كان لى منعة، قال: فجعلوا يضحكون وَيُحيلُ بعضهم على بعض، ورسول الله صلى الله عليه وسلم  ساجدً لا يَرْفَعُ رأسه حتى جاءته فاطمة، فطرحت عن ظهره، فرفع رأسه ثم قال: اللهم عليك بقريش ثلاث مرات، فَشَقَّ عليهم إذ دَعَا عليهم. قال: وكانوا يرون أنَّ الدعوة فى ذلك البلد مستجابة. ثم سمَّى: اللهم عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط. وَعَدَّ السابع فلم نحفظه، قال: فوالذي نفسي بيده، لقد رأيت الذين عدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم   صرعى فى القليب قليب بدر. [متفق عليه] ،وهناك أمثلة عديدة على حماية الله ونصرته لرسوله وقد سبق وأن ذكرناها فى معجزات الرسول – حماية الله تعالى له.
فأبشروا فنصر الله قريب.
إنه وإن استهزأت صحف غربية بالحبيب صلى الله عليه وسلم ، وسخرت منه، فإن ذلك لحسرة عليهم ما بعدها حسرة، فإنه- بإذن الله- لَمُؤْذِنٌ بخراب دِيَارِهٍمْ، وتمزق مُلْكِهِمْ، وذهاب دولتهم.
لقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم  رسائل إلى كسرى ملك الفرس، وإلى قيصر ملك الروم، وكلاهما لم يسلم، ولم يتبع الهدى، لكنَّ قيصر أكرم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  ، وأكرم رسوله، فثبت مُلكُه واستمر فى الأجيال اللاحقة، وأما كِسرى فمزَّق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم  ، واستهزأ به، فقتله الله بعد قليل، ومزَّق مُلكه كل ممزق، ولم يبق للأكاسرة ملك ولم تقم لهم قائمة.
وانظر لهذه البشارة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: "إن الله منتقم لرسوله ممن طعن عليه وسبَّه، وَمُظْهرٌ لدينه وَلِكَذِبِ الكَاذِب، إذا لم يُمَكِنِ الناس أن يُقِيمُوا عليه الحَدَّ، ونظير هذا ما حَدَّثْنَاهُ أعدادٌ من المسلمين العُدُول، أهل الفقه والخبرة، عمَّا جرَّبُوه مَرَّات متعددة، فى حَصْرِ الحُصُون والمدائن التى بالسواحل الشامية، لما حصر المسلمون فيها بني الأصفر فى زماننا، قالوا: كُنَّا نحن نَحصُرُ الحِصْن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو مُمتَنِعٌ علينا، حتى نكاد نيأس منه، حتى إذا تعَرَّضَ أهله لسَبِّ رسول الله والوقيعة فى عرضه، تعجَّلنا فتحه وَتَيسَّر، ولم يكد يَتَأخَّر إلاَّ يوماً أو يومين أو نحو ذلك، ثم يُفتح المكان عُنوةً، ويكون فيهم ملحمة عظيمة، قالوا: حتى إن كُنَّا لنتباشر بتعجيلِ الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه، مع امتلاء القلوب غيظا عليهم بما قالوا فيه..." [الصارم المسلول (1/123)]
ثالثاً: التوبة إلى الله من تقصيرنا في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (8) لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الفتح:8-9]
فإننا لو عظمنا رسول الله وقمنا بحقه من التعزير والتوقير ما كان لأحد أن تسول له نفسه أن يَتَفَوَه بِبَنْتِ شفة، ولكن سِرْنا خلف كل ناعق، وانهزمنا نفسياً، وروجوا لنا أنَّ الرخاء والحضارة والمدنية ستكون لنا إذا اتبعنا الغرب، فنستغفر الله من غفلتنا هذه، ونعاهد الله أن نكون من اليوم أتباع رسوله صلى الله عليه وسلم ، نمضى على خطاه، ولا نحيد عن سنته.