العودة للصفحة الرئيسية

مع قريش بعد فتح مكة:
لقى المسلمون مختلف ألوان العنت من قريش فى مكة, ضربُ وقتلُ وتعذيبُ, ونزل بالرسول نفسه صور من العناء , وانزوى بنو هاشم فى الشِّعب عدة سنوات عانوا خلالها الجوع والحرمان, ثم هاجر المسلمون إلى المدينة وتركوا ديارهم  وأهليهم وثرواتهم, ونزلوا ضيوفاً على الأنصار بالمدينة فلم تتـركـهـم قريش هناك بل لاحقتهم تغزوهم تهددهم, واستعانوا فى ذلك باليهود والأعراب والأحابيش, وحاصروهم فى غزوة الخندق حتى جاعوا ومسّهم الضُّر.
ودار الزمان دورته وأصبح للمسلمين اليد العليا وصارت القوة فى أيديهم, وفتحوا مكه ودخلوها منتصرين بعد إحدى وعشرين سنة من النضال والكبت والعناء.
وكان الحساب بين المنتصرين والمنهزمين فى لحظة واحدة , قال الرسول لجموع قريش: ما تظنون أنى فاعل بكم؟ قالوا: وهم واثقون من انسانيته وخلقه: أخ كريم وابن أخ كريم قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
وتعاون الطرفان فى حمل لواء الإسلام طيلة ما جاء بعد ذلك من أيام.
هل عرف التاريخ جماعه غـُلبت على أمرها وطُردَت من ديارها فلمــا استطاعت العودة إلى الوطن لم تمتد يدهم؟ ولم يحاولوا أن يأخذوا بثأر؟ وهل عرف التاريخ عدوَّيْن يلتقيان بعد صراح مخضب بالدماء فلا يكون فى لقائهما شحناء ولا بغضاء؟
إنها روح الإسلام , وسيطرة القائد الأعلى على أتباعه, ورحمته بمن كانوا بالأمس أعداءه, وهى انسانيته التى كانت حاضرة دائماً.