العودة للصفحة الرئيسية

الجانب الإنسانى مع زيد بن حارثة:
وتزوج محمد من خديجة، ووهبته خديجة غلاماً لها اسمه زيد بن حارثة، وكان زيد غلاماً ذكياً مهذباً اشتراه حكيم بن حزام فى الجاهلية لعمته خديجة من سوق عكاظ.
ولاحظ محمد فى زيد خلق الأحرار لا العبيد، فهو مع الطاعة فيه اعتداد بالنفس واحتفاظ بالكرامة، وسأل محمد زوجته عمَّا تعرف عن زيد فقالت: يزعم أنه من العرب من قبيلة كلب، وأنه كان فى رحلة مع أمه فى الصحراء فى طريقهم لزيارة أخواله، فهجم عليهم الأعراب وأخذوه من أمه وباعوه فى أسواق النخاسة، وآل أمره إلى خديجة وأحسَّ محمد بصدق هذه الأخبار، فأخلاق زيد تؤكد أنه من الأحرار لا من العبيد، وعامله محمد بالإنسانية العالية التي كانت نهج حياته، فقوى ارتباط زيد بمحمد، كما كان الارتباط بين محمد وميسرة.
وحدث حادث أكد نتائج الإنسانية التى كان محمد يعامل بها فتاه، فقد عرف قوم زيد خبره فجاءوا إلى مكة ليستردُّوه، ويقدموا فداء له ما يشاء مالكوه من الأموال، والتقوا بمحمد وقالوا له: يا ابن سيد قومه، أنتم حرم الله وجيرانه، تطعمون الفقير وتطلقون الأسير، جئناك فى ابننا عبدك "زيد" فأحسن إلينا وردَّه علينا، وندفع فداءه.
فسألهم: من هم ؟ قالوا: نحن أبوه وعمه، فنادى محمد زيداً فحضر، وسأله الرسول: أتعرف هؤلاء يا زيد ؟ قال: نعم، أبى وعمى.
فالتقت محمد إلى الأب والعم وقال: هذا زيد له الخيار، يبقى معى أو يعود إليكم، فإن عاد لا أريد مالا ولا فداء، والتفت إلى زيد وقال له: أنت يا زيد بالخيار بينى وبين أهلك.    
فقال زيد: ما كنت لأختار عليك أحداً.
فصاح به أبوه: أتختار العبودية يا زيد على الحرية ؟
فقال زيد: ما عرفت عبودية مع محمد.
وحينئذ أخذه محمد إلى الكعبة ومعه أبوه وعمه، وهناك أعلن محمد عِتْق زيد وأنَّه يتبناه (ولم يكن التبني قد حُرِّم بعد).
أنه جانب رفيع من الإنسانية عند محمد وكان هذا قبل البعثة، ولكنها الفطرة التي فطر الله رسوله عليها.