مدلول الإنسانية:
فى مطلع حديثنا عن هذا الموضوع نحب أن نشرح المدلول الذى نتبعه لمعنى "إنسانية" والمعنى العام للإنسانية أن تُعامِل مَنْ سِوَاك بروح المحبة والود والإيثار، وبتكرار العمل بهذه الروح تصبح هذه الروح سليقة فيك فتُعامِل بها الإنسان والحيوان، والجماد، فالإنسانية التى نقصدها هى أن يربى الإنسان نفسه، ويُقوِّم ذاته ليتعامل مع كل شخص وكل شيء بالود والشهامة والرعاية، فالإنسانية بذلك وصف للمتعامل، وليس للمُتعامَل معه، وسنرى أن الرسول r رفع جانب السمو والصفاء فى نفسه فأصبح ذلك واضحا فى كل تصرفاته مع غيره.
والحق أن الإنسانية بهذا المفهوم انسابت فى حياة الرسول من مطلع حياته، وأصبحت سليقة فيه كما سنرى من سرد الأحداث التالية، التي نقتبسها من أدق المصادر، وربما جاز لنا أن نقول إن اتجاه الإنسانية الفسيح فى حياة الرسول كان منحة من الله تعالى لرسوله الكريم وقد ظهرت باكورة هذه الاتجاهات من عهده المبكر قبل أن يعى الأمور، وقبل أن يستطيع تدبير الأحداث، فهى كانت من شِيَمه التى فطره الله تعالى عليها كما سنرى.