العودة للصفحة الرئيسية

الـرِبــا
فقد رأى الرسول e : نهراً من الدم يفور كَفَوَرانِ المراجل، وعلى حافتى النهر ملائكة بأيديهم نار، كلما طلع طالع قذفوه بها فتقع فى فيه فيشتعل إلى أسفل ذلك النهر. فلما سأل رسول الله e عنهم قيل له: أولئك الذين أكلوا الربا، فهم يعذبون بها، حتى يصيروا إلى النار.
أما فى رحلة الإسراء والمعراج فإنه e مر بقوم بطونهم أمثال البيوت، كلما نهض أحدهم خرَّ على الأرض، فلما سأل عنهم جبريل قال:هم أَكَلَةُ الرِبا.
وللصورة البشعة للربا آذن الله سبحانه المتعاملين به بالحرب، لقد آذن الله بالحرب صنفين من الناس:

  1. أَكَلَةُ الرِبا.
  2. المعادون لأولياء الله.

أعلن الحرب على أكلة الربا في القرآن الكريم:
﴿ فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾البقرة 279.
وأعلن الحرب على من عادى الأولياء، فى الحديث القدسى الذى رواه الإمام البخارى:
"من عادى لى ولياً فقد آذنته بالحرب".
ورمز المرابى فى ليلة الإسراء، رجل يسبح فى بحر من الدم، ويلقى فى فمه قطع من النار يبتلعها: إنه يسبح فى الدماء التى امتصها ممن تعامل معهم وما أخذ من قطع النقود تلتهب ناراً تصير فى جوفه تحترق وتشتعل فيها.
ولا ريب أن الطرف المعارض للصدقة وللزكاة، الطرف الذي يبغضه الله، ويبغض المتعاملين به، هو الربا.
ولقد حارب الإسلام الربا حرباً لا هوادة فيها، حاربه لأنه مبدأ ليس بإنسانى، واستعمل فى محاربته من التعبير أقساه.
لقد حاربه فى جملته وتفصيله، يقول الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ﴾البقرة (275).
والمتعاملون بالربا:
﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ .
والله سبحانه وتعالى يقول:
﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ البقرة (276).
ولكنه سبحانه وتعالى يفتح للمتعاملين بالربا أبواب توبته:
يقول تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)﴾ البقرة.
ومما لا شك فيه أن الربا – على أية صورة من صوره – يتعارض مع الروح الدينية العامة التى هى الرحمة والتعاون.
ونذكر فى نهاية الحديث عن الصدقة والربا والزكاة:
﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ البقرة 195.
وفى هذه الآية الكريمة يشير الله سبحانه إلى أن الشُح والبخل وعدم الإنفاق فى سبيل الله إنما هو إلقاء بالنفس إلى التهلكة.
ويقول سبحانه:
﴿ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ الحديد 7.
وفى هذه الآية الكريمة يرشد الله سبحانه وتعالى إلى أن أصحاب الأموال قد استخلفهم الله سبحانه وتعالى فى ماله هو، وأنهم مجرد مستخلفين، وهذا يشير إلى أنهم إذا أساءوا فإنه يرفع استخلافهم على المال فيصبحوا لا مال لهم.
ويقول سبحانه:
﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ﴾ الحديد11.
إنه سبحانه وتعالى يضاعفه له فى الحياة الدنيا.
ثم يجزل له الأجر:
﴿ يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾الحديد 12 .