العودة للصفحة الرئيسية

العنكبوت والحمام على باب الغار
هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة،التجأ هو وأبو بكر رضى الله تعالى عنه إلى غار ثور واختبآ داخله .. وجاء الكفار ووقفوا عند مدخل الغار،وملأ الخوف قلب أبى بكر من أن يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أيدى الكفار،وقال : لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا. كان أبو بكر رضى الله تعالى عنه يقرر واقعاً، فالكفار واقفون عند مدخل الغار ،والنبى صلى الله عليه وسلم وأبوبكر فى داخله،ونظرة واحدة من الكفار إلى داخل الغار تكشف الأمر كله .فماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟رفع الأمر إلى الله ،وقال:"ما ظنك باثنين الله ثالثهما"؟وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة يقول الحق سبحانه وتعالى"لاتَحْزَنْ إن اللهَ مَعَنَا".
إذاً..فالرسول صلى الله عليه وسلم رفع الأمر إلى الله،وهو وأبو بكر فى معية الله.
وأصبح هنا قول أبى بكر :"لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا" ..وهو قول يعتمد على الذاتية البشرية،ولكن قول الرسول صلى الله عليه وسلم " لاَتَحْزَنْ إنَ اللهَ مَعَنَا " معناه بقدرة البشر :أنهم لو نظروا تحت أقدامهم لرأونا،ولكننا ما دمنا فى معية الله وخرجنا تنفيذا لأمره سبحانه وتعالى فإنهم لن يرونا.ذلك أن قدرة الله ستزيغ أبصارهم فلن يرونا،وحتى إذا نظروا تحت أقدامهم فلن يرونا، ذلك لأن الله سبحانه وتعالى هو الذى يحفظنا ،فنحن لا نحفظ أنفسنا..ويستفاد من هذه الأية أن الله سبحانه وتعالى إذا كان معنا كانت لنا الغلبة،وأننا يجب أن نستعين بالله فى جميع الأمور.
فالحق سبحانه وتعالى له مُلْك ما فى السماوات وما فى الأرض، فلا يخرج عن ملكه شىء..ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينما التجأ إلى الغار،ووقف الكفار عند مدخل الغار جاء الحمام والعنكبوت،حيث ذكر ابن سعد بسنده :أن النبى صلى الله عليه وسلم ،ليلة الغار أمر الله شجرة فنبتت فى وجه النبى صلى الله عليه وسلم فسترته،وأمر الله العنكبوت فنسجت على وجهه فسترته ،وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقعتا بفم الغار،فوضع سداً عقلياً لفتحة الغار،أقنع عقول الكفار بأنه لايمكن أن يكون صلى الله عليه وسلم قد دخل الغار منذ ساعات،وفى الوقت نفسه سلب سبحانه الإبصار من عيون الكفار بحيث لاترى محمداً صلى الله عليه وسلم وصاحبه داخل الغار ،وقد كان ،ومادام كل شىء فى الكون مؤتمراً بأمر الله تعالى ،فستظل صفة العزة لله وحده.

المصدر:كتاب معجزات الرسل- للشيخ محمد متولى الشعراوى
*****************