حماية الله تعالى له
﴿ إنا كفيناك المستهزئين ﴾ [الحجر: 95]
حماية الله – تعالى – لرسوله من المستهزئين من كفار قريش:
عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – أنه قال مَرَّ رسول الله e فَغَمَزَهُ بَعْضَهُم، فجاء جبريل – أحسبه قال فَغمَزَهُم- فوقع فى أجسادهم كهيئة الطعنة فماتوا. وفى توضيح ذلك قال محمد بن إسحاق: كان هؤلاء المستهزئون خمسة نفر، وكانوا ذوي مكانة فى قومهم، من بني أسد بن عبد العزى (أبو زمعة الأسود بن المطلب)، وكان رسول الله e فيما بلغني – قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه، فقال: (اللهم اعمِ بصره وأثكله ولده)، ومن بني زهرة (الأسود بن عبد يغوث)، ومن بني مخزوم (الوليد بن المغيرة)، ومن بني سهم (العاص بن وائل)، ومن خزاعة (الحارث بن الطلاطلة)، فلما تمادوا فى الشر وأكثروا برسول الله e الاستهزاء أنزل الله تعالى قوله العزيز:
﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) ﴾ وهو تهديد شديد ووعيد أكيد من الله تعالى لِكُلِ مُتَطَاوِل على مَقَامِ رسول الله e من الملاحدة والكفار الذين تنكروا لخالقهم العظيم، ومن المشركين الذين جعلوا مع الله تعالى معبوداً آخر بافتراءات لا سندَ لهم فيها ولا حُجَة، إلا ما انقادوا له من غمزات الشياطين، وكذبهم، وغوايتهم.
وقال ابن إسحاق أن جبريل أتى سول الله e وهؤلاء الخمسة المتطاولون على رسول الله e يطوفون بالبيت، فقام وقام رسول الله e إلى جنبه، فمرَّ به الأسود بن المطلب فَرَمَى فى وجهه بورقة خضراء، فَعَمِى، ومرَّ به الأسود بن عبد يغوث، فأشار إلى بطنه، فاستسقى (بطنه) فمات منه حبناً (أي: نتيجة لانتفاخ البطن من الاستسقاء)، ومرَّ به الوليد بن المغيرة، فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله، كان قد أصابه قبل ذلك بسنين، فانتقض به جرحه (أي تجدَّدَ بعد ما بُرِئ) فقتله، ومرَّ به العاص بن وائل، فأشار إلى أخمص قدمه (أي ما لم يصب الأرض من باطن قدمه)، ثم خرج على حمار له يريد الطائف فربض به على شبارقة (أو شبرقة، وهى شجرة عالية ذات أشواك) فدخلت فى أخمص رجله شوكة فقتلته، ومرَّ به الحارث بن الطلاطلة، فأشار إلى رأسه، فامتخض قيحاً، فقتلته. وهكذا أهلك الله تعالى هؤلاء الخمسة الذين تطاولوا على مقام سيد المرسلين.
المصدر:الدكتور زغلول النجار- مقالة فى الأهرام بتاريخ 19-5-2008
********
حماية الله تعالى لرسوله من جهل أبى جهل وأمثاله
تروى لنا كتب السيرة أن أبا جهل تطاول على رسول الله e قائلاً: واللات والعزى لئن رأيت محمداً يصلي لأطأن على عنقه، ولأعفرن وجهه بالتراب. فما أن اقترب قليلاً من رسول الله e ليفعل به ما حلف عليه حتى رجع يهرول، وهو يتقى وجهه بيديه، فقال له الكفار: ما لك يا أبا الحكم؟ قال: رأيت بينى وبينه خندقاً من نار، ورأيت أجنحة وهولاً تكاد تتخطفنى. فبلغ ذلك رسول الله e فقال: "لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً" وفى ذلك نزل قول ربنا تبارك وتعالى: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)﴾ [العلق: 9-19].
المصدر:الدكتور زغلول النجار- مقالة فى الأهرام بتاريخ 19-5-2008
*******
مهابة رسول الله
كذلك روى ابن إسحاق أن رجلاً من أراش (أو أراشه) قدم إلى مكة بإبل له، فاشتراها منه أبو جهل، فمطله بأثمانها، فأقبل الآراشي ووقف على ناد من قريش، ورسول الله e فى ناحية المسجد جالس، فقال: يا معشر قريش من رجل يؤديني (أي يعينني على أخذ حقي) على أبي الحكم بن هشام، فإني رجل غريب، ابن سبيل، وقد غلبني على حقي؟ فقال له أهل ذلك المجلس: أترى ذلك الرجل الجالس (يعنون رسول الله e) اذهب إليه فإنه يؤديك عليه (وقالوا ذلك استهزاءً برسول الله e لما يعلمون مما بينه وبين أبي جهل من العداوة) فأقبل الأراشي حتى وقف إلى رسول الله e فقال له: ياعبد الله إن أبا الحكم ابن هشام قد غلبنى على حق لى قبله، وأنا رجل غريب، ابن سبيل، وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يؤديني عليه، (أي يأخذ لي حقي منه) فأشاروا لي إليك، فخذ لي حقي منه، يرحمك الله، قال e: انطلق إليه، وقام معه، فلما رآه المشركون قام معه، قالوا لرجل ممن معهم: اتبعه، فأنظر ماذا يصنع! قال: وخرج رسول الله e حتى جاء بيت أبي جهل فَضَرَبَ عليه بابه، فقال أبو جهل: من هذا؟ قال e محمد، فاخرج إليّ، فخرج إليه، وما فى وجهه من رائحة (أي بقية من روح، أي مُرْتَعِداً خَائِفاً ما فى وجهه قطرة من دم) قد انتقع أو امتقع لونه، أي تغير)، فقال له e : أعط هذا الرجل حقه، قال: نعم، لا تبرح حتى أعطيه الذي له، قال الراوي: فدخل ثم خرج إليه بحقه، فدفعه إليه، ثم انصرف رسول الله e ، وقال للأراشي إلحق بشأنك، فأقبل الأراشي على ذلك المجلس، فقال: جزاه الله خيراً، فقد والله أخذ لي حقي.
وعاد الرجل الذي بعثه المشركون ليراقب الموقف إليهم، فقالوا له: ويحك! ماذا رأيت؟ قال: عجبا من العجب، والله ما هو إلا أن ضرب عليه محمد بابه، فخرج إليه وما معه روحه (من شدة الفزع) فقال له: أعط هذا حقه، فقال: نعم، لا تبرح حتى أخرج له حقه، فدخل ثم خرج إليه بحقه، فأعطاه إياه، ثم لم يلبث أبو جهل أن جاء، فقالوا له: ويلك! مالك؟ والله ما رأينا مثل ما صنعت قط! قال: ويحكم، والله ما هو إلا أن ضَربَ عليّ بابي، وسمعت صوته، فمُلِئْتُ رُعْباً، ثم خرجتُ إِليه، وإنَّ فوق رأسه لفحلاً من الإبل، ما رأيت مثل هامته، ولا قصرته (أي عنقه)، ولا أنيابه لفحل قط، والله لو أَبَيْتُ لَأكلني.
المصدر:الدكتور زغلول النجار- مقالة فى الأهرام بتاريخ 19-5- 2008م
*******
ويضيف الإمام محمد أبو زهرة فى كتابه خاتم النبيين- المجلد الأول فى تعليق له:
"إنَّ هذه الواقعة تدل أولاً على هيبة النبي e يستعين بها إذا أراد فى إقامة حق وخفض باطل، ولا يستعين بها فى الدعوة إلى الله تعالى دائماً، حتى يكون دائماً رءوفاً رحيماً، والرأفة تلين القلوب والهيبة إذا استخدمت باستمرار أرهقتها، وأرهبتها، والرسالة تستدعي تأليف القلوب دائماً واللين دائماً، ولقد قال الله تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ .
وتدل ثانياً: على أن أشد الناس سفهاً، وتهجماً على الناس، واستهانة بحقوقهم، وهو فى وسط الجموع هو أشدهم خوفاً، وهلعاً وفزعاً إذا انفرد فهو جبان رعديد، إذا لاقى خصمه وجهاً لوجه، وإنك لترى الذين يبالغون فى الإيذاء من الحكام وغيرهم أشدهم فزعاً، إذا أحسوا بأنهم مرام مقصود، وانفرد فالتهجم من فرط الاندفاع، وهو لا يتنافى مع الجبن، بل إنه يلازمه إذا لاقى الأقوياء.
وهكذا نرى أن النبي e قد حماه ربه من قريش بما منع به شر الأشرار، وبما منحه الله تعالى من قوة نفس، وعزم وصدق".
********
انتقام الله تعالى من أبي لهب وآل بيته وأمثاله انتصاراً لرسول الله e:
تروى كتب السيرة أنه لما نزل الوحي بقول ربنا – تبارك وتعالى: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) ﴾ [النجم: 1-9].
جاء عتيبة بن أبي لهب إلى رسول الله e قائلاً فى كفر ووقاحة وتبجح: أنا أكفر بالنجم إذا هوى، وبالذي دنا فتدلى. ثم بالغ فى وقاحته، وقلة أدبه فشقَّ قميص رسول الله e وحاول أن يتفُلَ فى وجهه الشريف فلم يُصِبْه، فدعا عليه النبي e قائلاً: اللهم سَلِّط عليه كلباً من كلابك. فانصرف عتيبة ساخراً مستهزئاً، ومرت الأيام حتى خرج عتيبة مع نفر من قريش فى تجارة إلى بلاد الشام، وفى الطريق نزلوا فى مكان يقال له الزرقاء (مدينة كبيرة فى الأردن اليوم)، وبعد أن استراحوا وضعوا العشاء، ولما جلسوا لتناوله طاف بهم أسد من الأسود، وَزأَرَ عليهم فارتعدت فرائص عتيبة، فقال له أصحابه: من أي شيء ترتعد؟ فوالله ما نحن وأنت إلا سواء! فقال لهم: إن محمداً قد دعا على، وما تُرَدُ له دعوة، ولا أصدق منه لهجة!! ومن شدة رعب عتيبة لم يدخل يده فى الطعام. وعندما جاء وقت النوم أحاط القوم أنفسهم ومتاعهم، وجعلوا عتيبة فى وسطهم وناموا. ثم جاء الأسد يَشُمُ رؤوسهم رجلاً رجلاً وهم يغطون فى نوم عميق حتى انتهى إلى عتيبة بن أبي لهب فهشمه هشمة كانت إياها، وقام القوم فزعين من نومهم على صرخة عتيبة، فقال وهو بآخر رمق: ألم أقل لكم إن محمداً أصدق الناس لهجة، يا ويلي وويل أخي!! هو والله آكلي كما دعا علىَّ محمد، قتلني وهو بمكة وأنا ببلاد الشام، وقد استجيب دعاؤه..!! ومات عتيبة.
*******
المصدر:الدكتور زغلول النجار- مقالة فى الأهرام بتاريخ 19-5-2008
*********
حَمَاهُ الله منها وَحَجَبَهُ عنها فَلَمْ تَعُد تَرَاه
كذلك تروي لنا كتب السيرة أن أبا لهب بن عبد المطلب وامرأته أم جميل بنت حرب بن أمية كانا من أشد الناس عداء لرسول الله e فكانت أم جميل تحمل الشوك فتطرحه على طريق رسول الله e حيث يمر، فأنزل الله تعالى فيهما قوله الحق: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) ﴾ [المسد: 1-5].
ويروي ابن إسحاق أن "أم جميل" حين سمعت ما نزل فيها، وفى زوجها من القرآن، أتت رسول الله e وهو جالس فى المسجد الحرام عند الكعبة ومعه أبو بكر الصديق، وفى يدها فهرٌ من حجارة (والفهر هو حجر على مقدار ملء الكف)، فلمَّا وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله e فلم تعد ترى إلا أبا بكر، فقالت: يا أبا بكر: أين صاحبك؟ فقد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، ثم انصرفت بعد أن تفوهت بشعرٍ بذيء، فقال أبو بكر: يا رسول الله أما تراها رأتك؟ فقال ما رأتني، لقد أخذ الله ببصرها عَنِّي.
وكان أمية بن خلف إذا رأى رسول الله e همزه ولمزه فأنزل الله تعالى فيه:
﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9) ﴾ [الهمزة: 1- 9].
وتأتي هذه الوقائع وأمثالها انطلاقاً من هذا الوعد الإلهي المطلق الذي قطعه ربنا – تبارك وتعالى – على ذاته العليا فقال لخاتم أنبيائه ورسله e : ﴿ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99) ﴾ [الحجر: 95- 99].
وهذا الوعد الإلهي قد تحقق فى حياة رسول الله e كما أسلفنا فى الأحداث التي اخترناها من بين المئات، كما تحقق فى مئات من الحالات بعد وفاته يتحقق فى الحاضر والمستقبل وفاء لوعد الله الذي لا يتخلف. ووفاؤه فى القديم هو من صور الإعجاز التاريخي، ووفاؤه فى الحاضر والمستقبل هو من صور الإعجاز الإنبائي فى كتاب الله. وعلى لك فليس من قبيل الحدس أو الأمل بل هو من قبيل اليقين القاطع أن يتنزل عقاب الله الرادع بكل من تطاول على دين الله، وكتابه ورسوله e .
ويبقى التأكيد فى "سورة الحجر" على أن الذين يسيئون إلى مقام رسول الله e فى القديم والحديث هم المشركون، ومضة من ومضات الإعجاز الإنبائي والتاريخي فى كتاب الله الذي أنزل بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله، وحفظه بعهده، فى نفس لغة وحيه (اللغة العربية) على مدى يزيد عن الأربعة عشر قرناً وتعهد بهذا الحفظ تعهداً مطلقاً حتى يبقى القرآن الكريم حجة الله تعالى على خلقه إلى يوم الدين.
المصدر:الدكتور زغلول النجار- مقالة فى الأهرام بتاريخ 19-5-2008م
**********
حـمــاية الله تعالى له
ولقد حدَّث عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه جرت بين النبي e ومشركي مكة المكرمة والرسول e يدعوهم إلى الله تعالى، ويُبَيِن لهم أن الأحجار لا تنفع ولا تضر، وأنها لا تغني من الله تعالى شيئاً، ثم غادر مكانهم، فقام ابو جهل بن هشام فقال: "يا معشر قريش إنه قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا وسب آلهتنا وإني أعاهد الله لأجلسنَّ له غداً بِحَجَر، فإذا سجد فى صلاته، فَضَخْتُ به رأسه فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم.
فلما أصبح أبو جهل أخذ حجراً، ثم جلس لرسول الله e ينتظر، وغدا رسول الله e وكانت قبلته للشام، فكان إذا صلى، صلى بين الركنين الأسود واليماني، فجعل الكعبة الشريفة بينه وبين الشام فقام يصلي.
وقد غدت قريش فجلسوا فى أنديتهم ينتظرون، فلما سجد رسول الله e احتمل، ثم أقبل نحوه، حتى إذا دنا منه رجع منبهتاً ممتقعاً لونه، مرعوباً قد يبست يداه على حجره، حتى قذف الحجر من يديه.
رأى رجال قريش الذين غدوا ليروا ما يفعل وما كان به ، فقالوا له: مابك يا أباالحكم!! فقال: قمت إليه لأفعل ما قلت لكم البارحة، فلما دنوت منه عرض لي دونه فَحلٌ من الإبل، والله ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط، فَهَّمً أن يأكلني".
هذه أخبار رواة ثقات بأسناد صحيحة قوية وإذا كان فى بعض إسنادها ضعف فالقوي يرفع الضعيف، وحسبنا رواية القوي.
المصدر:خاتم النبيين-الإمام محمد أبو زهرة – المجلد الأول
*********
وثب الكلب على من سبَّ رسول الله
ذكر الحافظ ابن حجر:أن بعض أمراء المغول تنصَّر فحضر عنده جماعة من كبار النصارى والمغول،فجعل واحد منهم ينتقص النبى صلى لله عليه وسلم ،وهناك كلب صيد مربوط فلمَّا أكثر من ذلك ،وثب عليه الكلب فَخَمَشَهُ فَخَلَصُوه منه .
وقال بعض من حضر:هذا بكلامك فى محمد .
فقال:كلا، بل هذا الكلب عزيز النفس ،وقد رآنى أشير بيدى،فظن أنى أريد أن أضربه.
ثم عاد إلى ما كان فيه فأطال، فوثب الكلب مرة أخرى فقبض على زردمته(أى موضع الابتلاع :تحت الحلقوم واللسان) فقلعها فمات من حينه،فأسلم بسبب ذلك نحو أربعين ألفاً من المغول.{الدرر الكامنة(4/153)}
المصدر: كتاب عذرا رسول الله – للشيخ هانى حلمى
**********
يلتفت عن القبلة ويتحرك جثمانه ويلغ الكلب على دمه
ذكر القاضى عياض فى قصة عجيبة لساخرٍ بالنبى صلى الله عليه وسلم وذلك أن فقهاء القيروان وأصحاب سُحنُون أفتوا بقتلِ إبراهيم الفزارى ،وكان شاعراً متفنناً فى كثير من العلوم،وكان يستهزىءُ بالله وأنبيائه ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ،فأمر القاضى يحيى بن عمرَ بقتلهِ وصلبهِ ،فَطُعِنَ بالسكين وَصُلِبَ مُنَكساً ،ثم أُنزِلَ وَأُحْرِقَ بالنَّار ،وحكى بعض المؤرخين أنه لما رفعت خشبته ،وزالت عنها الأيدى استدارت وحولته عن القبلة فكان آية للجميع ،وكَبَّر الناس ،وجاءَ كلبٌ فَوَلغ فى دمِه.{الشفا : (2/218)}.
المصدر:كتاب عذراً رسول الله- للشيخ هانى حلمى
*********
الأرض تلفظ جثمان من نال من رسول الله
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال:كان رجُلٌ نَصْرَانِّى فَأسلَمَ وقَرَأَ البقرة وآل عمران ،وكان يكتُبُ للنَبِىِّ صلى الله عليه وسلم فعاد نَصْرَانِياً ،وكان يقول :لا يدرى محمد إلا ما كتبت له ،فَأَمَاتهُ الله فَدَفَنُوه،فأصبحَ وقد لَفَظَتهُ الأَرْض،فقالوا: هذا فعلُ مُحمدٍ وأَصحَابِه لمَّا هَرَب مِنهُم،نَبَشوا عن صاحبِنا فألقَوه ،فَحَفَروا لَه فَأعْمَقوا لهُ فى الأرض ما استَطَاعوا ،فأصبحوا وقد لَفَظَتهُ الأرض،فَعَلِموا أنه ليسَ من النَّاس فأَلقَوهُ.{متفق عليه}.
قال شيخ الاسلام ابنُ تيميه:" فهذا الملعون الذى افترى على النبى صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يدرى إلا ما كتب له ؛قصمهُ الله وفضحهُ بأن أخرجهُ من القبر بعد أن دُفِنَ مِرارا،وهذا أمرٌ خارجٌ عن العادة، يدلُ كل أحد على أن هذا عقوبة لما قالهُ،وأنه كان كاذباً، إذ كان عامةُ الموتى لا يصيبهم مثل هذا،وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد، إذ كان عامة المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثل هذا ،وأن الله منتقم لرسوله صلى الله عليه وسلم ممن طعن عليه وسبَّهُ، ومظهرٌ لدينه، ولكذبِ الكاذب إذا لم يمكن للناس أن يقيموا عليه الحد".{الصارم المسلول:ص233}.
ً المصدر: كتاب عذرا رسول الله- للشيخ هانى حلمى
***********
وَفْدٌ غَادِرٌ وجَزَاؤُه
وفى عام الوفود حضر إلى الرسول وفدٌ غادِرٌ أراد أن ينتهز فرصة كثرة الوفود ليندسَّ بينها للنَّيل من الرسول صلوات الله عليه، وكان ذلك وفد بنى عامرٍ بقيادة عامر بن الطُفَيل ،وإربِد بن قيس،وجبَّار بن سلمى وكان عامر وإربد قد اتفقا على أن يشغل عامر الرسول بالحديث،وحينئذٍٍ يعلوه إربِد بالسيف،وتم اللقاء، وأخذ عامر يشغل الرسول ويناقِشُه ويُشيرُ إلى إربد لينفِّذَ ما اتَّفَقَا عليه،ولكن إربِد لايفعل ،وتكرَّرَ ذلك أكثر من مرَّة، وخرج الوفدُ فصرخ عامر فى إربد:كيف لم تنفِّذ ما اتفقنا عليه؟ قال إربد: لا تعجَل علىَّ ،فوالله ما هَمَمْتُ بالذى أَمَرْتَنِى به إلاّ دَخَلْتَ بَيْنِى وبينه حَتّى مَا أَرَى غَيْرَك،أَفأَضْرِبُك بالسَّيف؟
ولم يُعْلِن الوفد إسْلاَمه ،وأَحَسَّ الرسولُ الغَدْرَ من زعَماء الوفْدِ ،فَدَعَا عليهم،فَلَمْ يَصِلوا إلى بِلادِهِم ،فقد أكلَ الطَّاعونُ عامر بنَ الطُّفَيْل ،ومرَّت صاعِقَة على إربد فَأَحْرَقَته.
المصدر: المكتبة الاسلامية- السيرة النبوية العطرة-مكرمات الرسول- للدكتور أحمد شلبى
************
عجز شِيبة عن قتل الرسول وقد همَّ به
قال ابن اسحاق:وقال شَِيبَة بن عثمان بن أبى طلحة ،أخو بنى عبد الدّار:قلت:اليوم أُدرِك ثَأْرِى من مُحَمد ،وكان أَبُوه قُتِل يومَ أُحُد ،اليوم أَقتُلُ مُحمد ،قال:فَأَدَرْتُ برسول الله لِأقتُلَه ،فأقبلَ شىء حتى تَغَشَّى فُؤادِى ،فَلم أطق ذاك،وعلمتُ أنَّه ممنوعٌ مِنى.
المصدر:السيرة النبوية-لابن هشام-المجلد الثانى-ص444
***********
ما نال ابن صيفى جزاء تعريضه بالرسول صلى الله عليه وسلم
قال ابن اسحاق:وحدَّثنى جعفر بن عبد الله ابن أُبَى الحكم،وكان قد أدرك وسَمِع،وكان راوية:أنَّ أبا عامر بن صيفى بن النُّعمان أَتَى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم حين قَدِم المدينة،قبل أن يخرج إلى مكة،فقال :ما هذا الدين الذى جِئت به؟ فقال:جِئت بالحنيفية دين ابراهيم ،قال :فأنا عليها؛فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلم:إنَّك لست عليها؛قال:بلى قال:إنك أَدخَلت يا مُحمد فى الحنيفية ما ليس منها قال:مافعلت،ولكنِّى جِئتُ بها بيضاء نقية؛قال:الكاذب أمَاته الله طَريداً غريباً وحيداً – يُعرِّض برسول الله صلَّّى الله عليه وسلم-أى أنك جئت بها كذلك.قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:أجل،فمن كَذَبَ ففعل الله تعالى ذلك به.فكان هو ذلك عدوُ الله،خرج إلى مكة فلمَّا افتتح رسول الله صلَّى الله عليه وسلم مكة خرج إلى الطائف.فلمَّا أسلم أهل الطائف لَحِق بالشام.فمات بها طريداً غريباً وحيداً.
المصدر:السيرة النبوية -لابن هشام-المجلد الأول-ص585
***********
نجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من القتل ليلة
الهجرة وحماية الله له من المشركين
إن المؤامرة لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ليلة الهجرة شارك فيها شياطين الإنس والجن ،والله سبحانه وتعالى شاء أن يتحدى كل ما دبروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى الخفاء.وكان الأسلوب لابد أن يكون ظاهراً فيه القدرة الإلهية التى تحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يشأ الحق تبارك وتعالى أن يخفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مكان أمين لايصل إليه الكفار،فأبقاه فى بيته وعرف الكفار أنه فى بيته.
ولم يشأ الله سبحانه وتعالى أن يجعل رسوله صلى الله عليه وسلم يخرج من البيت قبل أن يصل إليه الرجال الأشداء الذين اختيروا لتنفيذ مؤامرة قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم،بل وصل هؤلاء الرجال،وأحاطوا ببيت رسول اله صلى الله عليه وسلم والرسول موجود فى البيت، وهكذا اكتملت كل أركان المؤامرة.
رسول الله صلى ال عليه وسلم نائم فى بيته ،والرجال الذين جاءوا لقتله يحاصرون ابيت .ثم ماذا حدث حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيته ..سلب الله الأبصار من عيون الرجال الذين جاءوا لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وألقى عليهم النوم،وأمسك رسول الله صلى الله ليه وسلم بحفنة من التراب وقذف بها وجوههم وقال:"شاهت الوجوه".ولم يتحرك أحد منهم، ولم يحس بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر من بينهم فى طريقه إلى الغار.
وكان هذا هو التحدى الحقيقى للكفار،فلو أن رسول اله صلى الله عليه وسلم اختفى فى مكان لا يعرفونه لقالوا: لووجدناه لقتلناه،ولو أنه صلى الله عليه وسلم خرج من بيته قبل أن يصل الكفار الذين أعدوا لقتله لقالوا :لو وصلنا وهو فى بيته لقتلناه.لقد عرفوا مكانه فى فراشه ،ولكنهم عجزوا عن قتله ،وخرج صلى الله عليه وسلم سالماً.
المصدر:كتاب معجزات الرسل- للشيخ محمد متولى الشعراوى
***************