العودة للصفحة الرئيسية

البركــة فى الطعــام
وأحاديث البركة فى الطعام كثيرة، صحيحة مشهورة، وهى متواترة أيضاً فى جوهرها، ومن ذلك بالنسبة لرسول الله e ما يلي:
البركة فى الطعام القليل ليكفى الكُل ويفيض
روى هاشم بن القاسم، أخبرنا سليمان، عن ثابت قال:
"جعلت امرأة من الأنصار طُعَيماً لها، ثم قالت لزوجها: اذهب إلى رسول الله e فادعه، وَأَسِرَّه (أى ادعه فى الستر لقلة الطعام) إلى رسول الله e .. قال: فجاء، فقال: يا رسول الله، إن فلانة قد صنعت طعيماً وإني أحب أن تأتينا.. فقال رسول الله e للناس: "أجيبوا أبا فلان".. قال: فجئت، وما تكاد تَتْبَعُنِى رِجْلاَى لِمَا تركت عند أهلي، ورسول الله e قد جاء بالناس.. قال: فقلت لامرأتى: قد افتضحنا، هذا رسول الله e قد جاء بالناس معه، قالت: أَوَمَا أمرتك أن تُسِر ذلك إليه؟ .. قال: قد فعلت.. قالت: فرسول الله e أعلم، فجاءوا حتى ملأوا البيت وملأوا الحجرة وكانوا فى الدار، وجيء بمثل الكف فوضعت، فجعل رسول الله e يبسطها فى الإناء، ويقول ما شاء الله أن يقول؛ ثم قال: ادْنُوا فَكُلُوا، فإذا شَبِعَ أحدكم فَلْيُخْلِ لصاحبه.. قال: فجعل الرجل يقوم والآخر يقعد، حتى ما بقي من أهل البيت أحد إلا شبع، ثم قال: ادع لي أهل الحجرة، فجعل يقعد قاعد، ويقوم قائم حتى شبعوا، ثم قال: ادع لى أهل الدار، فصنعوا مثل ذلك... قال: وبقى مثل ما كان فى الإناء.. قال: فقال رسول الله e : "كلوا وأطعموا جيرانكم" الطبقات لابن سعد.
*******
بركة الطعام فى مخمصة فى غزوة تبوك
وعن عبد الرحمن بن أبى عمرة الأنصارى، قال: حدثنى أبى قال:
"كُنَّا مع رسول الله e فى غزاة، فأصاب الناس مخمصة (مجاعة)، فاستأذن الناس رسول الله e فى نحر بعض ظهرهم (أى الإبل التى تحمل عليها وتركب)، وقالوا: يُوصِلُنَا الله به، فلما رأى عمر بن الخطاب أن رسول الله e قد همََّ أن يأذن لهم فى بعض ظهرهم قال: يا رسول الله، كيف بنا إذا نحر، لقينا القوم غداً جياعاً رجالاً (أى ليس لهم ظهر يركبونه)، ولكن إن رأيت أن تدعو الناس ببقايا أزوادهم (جمع زاد) فتجمعها، ثم تدعو الله فيها البركة، فإنَّ الله سَيُبَلِغُنَا بدعوتك، أو سيُبَارِك لنا فى دعوتك. فَدَعَا رسول الله e ببقايا أزوادهم، فجعل الناس يجيئون بالحثية (القبضة أو الغرفة باليد) من الطعام، وفوق ذلك.. وكان من أَعْلاَهُمْ من جاء بصاعٍ من تمر، فجَمَعَهَا رسول الله e ، ثم قام فدعا ما شاء الله أن يدعو، ثم دعا بالجيش بأوعيتهم وأمرهم أن يحثوا، فَمَا بَقِيَ فى الجيش وعاء إلا ملئوه وبقي منه، فضحك رسول الله e حتى بدت نواجذه، فقال:
"أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أني رسول الله، لا يلقى الله عبد يؤمن بهما إلاَّ حُجِبَت عنه النار يوم القيامة" طبقان ابن سعد- رواه مسلم- حدث هذا فى غزوة تبوك.
********
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال:
"لما كان يوم غزوة تبوك، أصاب الناس مجاعة، فقال عمر: يا رسول الله ادعهم بفضل أزوادهم، ثم ادع الله لهم البركة، فقال: نعم.. فدعا بنطع، فبسط، ثم دعا بفضل أزوادهم، فجعل الرجل يجئ بكف ذرة، ويجئ الآخر بكف تمر، ويجئ الآخر بكسرة، حتى اجتمع على النطع شيء يسير، فَدَعَا رسول الله e بالبركة، ثم قال: خذوا فى أوعيتكم.. فأخذوا فى أوعيتهم حتى ما تركوا فى العسكر وعاء إلا ملأوه.. قال: فأكلوا حتى شبعوا، وفضلت فضلة، فقال رسول الله e : أشهد أنَّ لا إله إلا الله، وأني رسول الله... لا يلقى الله بهما عبد غَيْرُ شَاكٍ فَيُحْجَبُ عن الجنة" رواه مسلم.
البركة فى تمر ابنة بشير
قال بن اسحاق: وحدَّثنى سعيد ابنُ مِينا أنه حُدِّث :أن ابنةً لبشير بن سعد ،أخت النعمان بن بشير،قالت :دعتنى أُمِّى عمرة بنت رواحة ،فأعطتنى حِفنة من تمر فى ثوبى،ثم قالت:أى بُنَيَّة،اذهبى إلى أبيك وخالك عبد الله ابن رواحة بغدائهما ،قالت:فأخذتها،فانطلقت بها،فمررتُ برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألتمس أبى وخالى؛ فقال:تعالى يابُنَية، ما هذا معك؟قالت:فقلت:يا رسول الله ،هذا تمر،بَعثتنِى به أُمِى إلى أبى بشير بن سعد،وخالى عبد الله ابن رواحة يَتغديَّانه ؛قال :هاتيه؛ قالت:فصببتُهُ فى كفَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فما ملأتُهُمَا ،ثم أمر بثوب فبُسِِطَ له ،ثم دحَا بالتمر عليه ،فتبدَّد فوق الثوب ،ثم قال لإنسان عنده :اصرخ فى أهل الخندق :أن هَلُمَّ إلى الغداء.فاجتمع أهل الخندق عليه ،وإنه ليسقط من أطراف الثوب.
المصدر:السيرة النبوية - لابن هشام – المجلد الثانى –ص218
*******

أكل مائة وثلاثون رجلاً من القصعتان وفاضت 
وعن عبد الرحمن بن أبى بكر أنه قال:"كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومائة ،فقال النبى صلى الله عليه وسلم :هل مع أحد منكم طعام؟..فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه،فعجن،ثم جاء رجل مشرك مشعان(أى ثائر الرأس) بغنم يسوقها ،فقال النبى صلى الله عليه وسلم :أبيعًا أم عطية؟ أو قال:هبة..قال:بل بيع..فاشترى منه شاةً فَصُنِعَت ،وأمَرَ النبى صلى الله عليه وسلم بسواد البطن أن يشوى ..قال:وأيم الله ما من الثلاثين والمائة إلا قد حز رسول الله صلى الله عليه وسلم حزة من سواد بطنها ،إن كان شاهداً أعطاه إياه ،وإن كان غائباً خبأ له ،قال:وجعل منها قصعتين..قال:فأكلنا أجمعون وشبعنا،وفضل فى القصعتين (ففاضت القصعتان) فحملناه على بعير .
*******
بركة رسول الله فى سمن أم مالك
وعن جابر،أن أم مالك الفهرية كانت تهدى فى عكة لها سمناً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما بنوها يسألوها الإدام – وليس عندها شىء –عمدت إلى عكتها التى كانت تهدى فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت فيها سمناً،فمازال يأدم لها أدم بنيها حتى عصرته ،فأتت النبى صلى الله عليه وسلم ،قال:أعصرته؟..قالت :نعم..قال:لو تركته مازال ذلك لك مقيما .(انفرد بإخراجه مسلم)
قُضِىَ الدَيْن بِبَرَكَة رسول الله
وعن جابر رضى الله عنه قال: تُوفى أبى وعليه دَيْن ،فعرضت على غرمائه أن يأخذوا التمر بما عليه ،فأبوا فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم ،فقلت:قد علمت أن والدى استُشْهِدَ يوم أُحُد وترك دَيْناً كبيراً،وإنى أُحِب أن يَرَاكَ الغُرَمَاء،اذهب فبيدر كل تمر على ناحية،ففعلت ثم دعوته ،فلمَّا نَظَروا إليه كَأَنَّهُم أغروا به تلك الساعة ،فلما رأى ما يصنعون طاف حول أعظمها بيدراً ثلاث مرات،ثم جلس عليه،ثم قال:ادعُ إلى أصحابك ،فمازال يكيل لهم حتى أدّى الله عن والدى أمَانَته ،ولا أرجع إلى أخواتى بتمرة ؛فسلم الله البيادر كلها،حتى أَنِّى أنظر إلى البيدرا الذى كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم ،كأنَّما لم تَنْقُص ثمرة واحدة.رواه البخارى.
*******

 

خُبْز أم سليم يَكْفِى ثمانين رجل بِبَرَكَةِ رسول الله
وعن أنس رضى الله عنه قال: قال أبو طلحة لأم سليم:لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع ،فهل عندك من شىء؟
فقالت :نعم،فأخرجت أقراصاً من شعير ،ثم أخرجت خمَّاراً لها لِفَتِ الخبز ببعضه ،ثم دسته تحت يدى ،ثم أرسلتنى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهبت به ،فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد ،ومعه الناس،فَسَلَّمْتُ عليه،فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم:أَرْسَلَكَ أبو طلحة؟..قلت:نعم..قال:بِطَعام؟..قلت:نعم..فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه:قوموا،فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جِئْت أبا طلحة، فأخبرته ،فقال أبو طلحة:يا أم سليم ،قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وليس عندنا ما نطعمهم ،قال:الله ورسوله أعلم ،فانطلق أبوطلحة حتى لَقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛وأبو طلحة معه ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
هَلُمِى يا أم سليم، ما عندك؟..فأتت بذلك الخُبْز ،فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففُت،وعَصَرَت أم سليم عكة فآدمته،ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ما شاء الله أن يقول،ثم قال:ائذن لعشرة،فأذن لهم ،فَكلُوا حتى شَبِعُوا ،ثم خرجوا،ثم قال:ائذن لعشرة ،ثم لعشرة ،فأكل القوم كلهم وشبعوا،فالقوم سبعون أو ثمانون رجلاً.رواه البخارى ومسلم.
*******
المصدر:كتاب دلائل النبوة ومعجزات الرسول- للدكتور عبد الحليم محمود