العودة للصفحة الرئيسية

زينب بنت خزيمة
"أم المساكين " رضي الله عنه
ا
من المعلوم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بُعِث إلى الناس كافة ، الرجال والنساء، وقد كان يجلس بين أصحابه يلقنهم التعاليم. ويحفظهم القرآن، ويرشدهم إلى مكارم الأخلاق حتى تسمو نفوسهم فلتسعد بهم الدنيا... والنساء لهن جانب من التعليم والتوجيه، لأنه (صلى الله عليه وسلم) عندما بعث كانت المرأة تُعَدُ من سقط المتاع، فكرامتها مُهْدَرَة، ومكانتها ضائعة فكانت تُبَاع عندهم وَتُشْتَرَى كأنها سلعة، وقد انحطت كرامتها في دولتي الفرس والروم، وكانوا يطلقون عليها كل لفظ قبيح، لأنها في نظرهم مثار الشر، وظلت المرأة كذلك حتى امتدت إليها يد بعض القبائل فوأدوها حية واستمر هذا حال المرأة حتى بُعِث المصطفي صلوات الله وسلامه عليه الذي حرَّرَها من هذا الظلم ورفع مكانتها، وأعلى من منزلتها، ونزل القرآن الكريم : ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾النحل.
لهذا كان الطبيعي أن تتعدد زوجات النبي (صلى الله عليه وسلم) لأنهن أقدر على تبليغ الأحكام الخاصة بالنساء، ولا يصلح للتلقي عن الرسول إلا من كانت على صمته وتحت يده، وفوق ذلك فقد كان للقصد من وراء ذلك اجتذاب القبائل من وراء المصاهرة التى هى أقوى داع للتآلف والمناصرة. كما أن من مات زوجها وليس لها عائل يرعاها أو رجل يذود عن حماها ضمَّها الرسول إلى نسائه، ليستقر وضعه وتشعر بالعطف والحماية في بيت النبي الكريم من أجل ذلك رأينا أنه (صلى الله عليه وسلم) تزوج " زينب بنت خزيمة" .
نسبها
هى زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن
هلال بن عامر بن صعصعة ، وكانت تسمى في الجاهلية بأم السماكين، لأنها كانت تعطف على الأرامل واليتامى، كما أنها كانت تمد المساعدة لكل محتاج، فهى عربية هلالية، عاشت في الجزيرة العربية، وكانت من السابقات إلى الإسلام، وكذا زوجها الأول عبد الله بن جحش ابن عمة الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذي استشهد في غزوة أحد، وأصبحت بعد فقده بلا عائل.
خطبتها
نظرا لقصر المدة التي عاشتها سيدتنا الكريمة في يبت النبوة فالمؤرخون اختلفوا وتضاربت أقوالهم في تاريخ هذه السيدة ، ومن الذي تولي أمر زواجها لرسول الله(صلى الله عليه وسلم) والذى يؤخذ به من جملة الأقوال أن الرسول(صلى الله عليه وسلم) خطبها إلى نفسه فجعلت أمرها إليه، فتزوَّجها وأصدقها أربعمائة درهم، ودخل عليها بعد حفصة بنت عمر ، وكان زواجه بها في شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة.
طبيعتها
أجمع المؤرخون على تعدد مشاربهم، واختلاف أقوالهم أنها كانت تقية صالحة، ورعة مؤمنة، لم تُذكر في أي كتاب إلا ويقرن اسمها بجملة :" أم المساكين "، وذلك لأنها كانت تطعم الفقراء وتتصدق على المساكين وتحسن إليهم، كما أنها كانت صوامة قوامة، وقد ذكر هيكل في كتابه" حياة محمد" أنها لم تكن ذات جمال، وإنما عُرفت بطيبتها وإحسانها حتى لقبت بأم المساكين، كما أنها كانت تعتق العبيد رأفة بهم ورحمة .
حياتها
عندما ضُمَّت زينب المخزومية إلى نساء النبي الكريم ونالت هذا الشرف العظيم الذي تصبوا إليه النفوس وتتطلع إليه القلوب كانت هى الوافدة الرابعة بعد أم المؤمنين خديجة الكبرى، ولكن حياتها الزوجية لم تدم طويلاً، لأنها لم تمكث في بيت النبوة إلا ثلاثة أشهر ، وفي رواية أخرى ثمانية أشهر، وهى مدة بسيطة قليلة ولذلك اختلف المؤرخون فيها ولم يستطيعوا أن يعطونا صورة واضحة لحياتها الاجتماعية ، لأنها توفيت في حياة رسول الله(صلى الله عليه وسلم).
وفاتها
إن حياة الإنسان لا تُقاس بأيام عمره، ولكن بما قدم من عمل وبما ترك من أثر ، فكم من أناس عاشوا مئات السنين وخرجوا من الدنيا ومحيت أثارهم ولم يذكر اسمهم . وكم من أناس عاشوا قِلة من الزمن ومع ذلك فأيامه حافلة بجلائل الأعمال ، ينطق الزمن باسمهم، ويقف أمامهم إجلالاً وإكباراً. ومن الذين يقف الزمن أمام اسمهم أم المؤمنين سيدتنا زينب بنت خزيمة "أم المساكين"، التي انتقلت إلى ربها ولها من العمر ثلاثون عاما، وقد صلي عليها الرسول(صلى الله عليه وسلم) ودفنها بالبقيع ، وقد نزل في حفرتها ليكون قبرها رحمة وفيه نور من أنوار المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، ويكفيها فخراً أنها تبعث يوم القيامة في عداد أمهات المؤمنين أزواج النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم)، الذي بلَّغ رسالة ربه، دعا الناس إلى دين الهدى والسعادة في الدنيا والفلاح في الآخرة .وإنا ونحن نتحدث عنك يا أم المؤمنين ، يا من كنت زوجة شهيد ضحَّي بدمه في سبيل العقيدة وصبرت أنت من بعده ، واحتسبت فعوضك الله خيراً، وأبدلك زوجاً خيراً من زوجك ، مصداقا لقوله تعالي : ﴿ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ ﴾ يوسف .
فسلامٌ عليك ما تُليت آيات الله في الأرض ، ومنا تردد اسم الله من فوق المآذن، وجزاك الله خيراً وسلام عليك يوم نلقاك أمام رب العزة وقد ضاعت الأحساب والأنساب ولم يبق يومها إلا حسب الإسلام ونسب الإيمان.إن هذه الزوجة الكريمة كانت الزوجة الثانية التى توفيت فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ،أما الأولى  فهى السيدة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد ، رضي الله عنها وعن الجميع، وألحقنا بهم على خير في مقعد صدق عند مليك مقتدر.