العودة للصفحة الرئيسية

عام الحزن
وجاء عام الحزن علي الرسول. لم يكد الرسول يتنفس الصعداء بعد أعوام الحصار الثلاثة، ويعود لاستئناف حياته ودعوته.. حتي فوجئ بوفاة زوجته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها.. ووفاة عمه أبي طالب علي ملة الأشياخ من أجداده..
وكان أبو طالب رجلا عظيم الهيبة في مكة، وكان إيذاء النبي محدودا لحماية أبي طالب له.. أما خديجة فهي واحة النبي وملاذه، وهي القلب الرحيم الذي احتضن تأمله قبل الرسالة. واحتضن آلامه بعد الرسالة. وكانت له نعم الرفيق والزوج والصديق والخادم.
وحزن رسول الله صلي الله عليه وسلم عليها حزنا عميقا. حتي سمي المؤرخون هذا العام بعام الحزن.. وفرح المشركون بأحزان الرسول، سرهم أنه صار بلا شيخ يدفع عنه ويحميه.. وبلا زوجة تخفف متاعبه وتواسيه، وازداد إيذاء قريش للنبي صلي الله عليه وسلم.. واختار المشركون وقتا ذبحت فيه ذبائح مكة، وأحضروا أحشاء جمل ذبيح وألقوه علي كتفي النبي وهو ساجد لا يرفع رأسه.
وبلغ الخبر ابنته فاطمة، فجاءت مسرعة تحمل عن أبيها وتدافع عن أبيها وتدافع عنه، في بيئة ينتظر أن تصدر الحماية فيها من الأب. وحز في نفس النبي أنه صار إلي وضع تدافع فيه عنه ابنته. وصبر النبي في الله واحتمل.
وفكر يوما أن يتوجه إلي الطائف حيث تقطن ثقيف.. لعله قال لنفسه: إذا كانت القلوب هنا قد تجمدت علي الباطل، فلأذهب إلي ثقيف.. لعل الله يفتح للدعوة ثغرا تنفذ منه.
كان الحصار العام علي الدعوة قد اشتد فلم تعد تستطيع أن تخطو خطوة واحدة إلي أمام..
وأزعج هذا النبي صلي الله عليه وسلم. وحاول أن يكسر النطاق المضروب حوله فذهب إلي الطائف.