العودة للصفحة الرئيسية

العودة للصفحة الرئيسية

السنة الرابعة للهجرة وتعرض المسلمين لحملة من الاغتيالات
وأقبلت السنة الرابعة للهجرة، والمسلمون لم يبرءوا بعد من جراحهم في أحد.
وحملت الرياح أنباء عن استعداد قبيلة بني أسد لغزو المدينة، وباغتهم جيش صغير أرسله النبي لديارهم قبل أن يتحركوا. أيضا وضع الإسلام حدا لحياة رجل كان يحشد الأعراب لحرب المسلمين. ورغم أن الإسلام كان يرفع سيفه تحت ضوء الشمس، ويقاتل به في وضوح النهار وبشرف، رغم ذلك تعرض المسلمون لحملة اغتيالات كانت تطعن في الظهر بخسة، وتداري إثمها الغادر بابتسمات النفاق.
جاء وفد من قبائل الأعراب إلي الرسول يحدثه أنهم سمعوا عن الإسلام ويريدون اعتناقه، فليرسل معهم عددا من الدعاة لتعليمهم أصول الدين، وأرسل النبي معهم مجموعة من الدعاة يرأسهم عاصم بن ثابت، ووثب الغادرون علي رجال الدعوة فقتلوهم، واستسلم للأسر منهم ثلاثة، فبيعوا في مكة، وكان بيعهم في مكة يعني تسليمهم للقتلة المتربصين بهم من قريش.. وقتلت مكة الأسري الثلاثة. وحزن المسلمون لمصرع رجال الله علي هذا النحو الفاجع. وحين جاء إلي النبي من يعرض عليه أن يرسل وفدا من الدعاة لنشر الإسلام بين قبائل نجد، وازن النبي صلي الله عليه وسلم بين عوامل الحذر والرغبة في نشر الإسلام. واختار نشر الإسلام، مدركا أنه يبعث رجاله إلي الخطر، ويعرضهم إلي مصير مجهول لا يدريه إلا الله.. إلا أن الخطر صار جزءا من مذاق الحياة الذي تعيشه الدعوة الإسلامية. وحين أبدي النبي خشيته علي رجال الله وسط قبائل لا يؤمن جانبها، طمأنه السائل أنه سيجيرهم. وأمر النبي سبعين من خيرة رجاله بالخروج في سبيل الله والدعوة إلي الإسلام.
وخرج من يعرفون باسم "القراء"، هم دعاة من خيرة الدعاة إلي الله، عاشوا حياتهم يحتطبون بالنهار، ويصلون بالليل. فلما جاءهم أمر الرسول بالخروج خرجوا مستبشرين أنهم يدعون إلي الجهاد في سبيل الله.. وحثوا الخطي الواثقة في أرض المنافقين والغادرين حتي وصلوا بئر معونة.. وبعثوا أحدهم إلي رأس الكفر في هذه البقاع.. ومد الداعية إلي الله يده بكتاب النبي وهو يرجو إسلام القوم في نفسه.
فوجئ بالطعنة الغادرة تخترق ظهره لينفذ النصل من صدره.. صاح الداعية إلي الله وهو يسقط: فزت ورب الكعبة.
وحمل رأس الكفر سلاحه وضم قبائل الغادرين وانقضوا علي الدعاة إلي الله.
واستشهد خلاصة الدعاة إلي الله في بئر معونة.. صارت أجسادهم طعاما للنسور والطيور الجارحة.. ونجا من السبعين رجل واحد عاد إلي النبي يقص عليه ما لقيه فقهاء المسلمين وخيارهم من غدر. وأطرق النبي برأسه وهو يسمع أخبار الكارثة.. ثم رفع رأسه وقال للناس: إن أصحابكم أصيبوا... وإنهم قد سألوا ربهم فقالوا: ربنا أخبر عنا إخواننا بما رضينا عنك ورضيت عنا.
كانت محنة الإسلام قاسية فيمن أدركتهم الشهادة في بئر معونة. ولقد حزن النبي لاجتراء الأعراب والكافرين علي الإسلام، وأثاره أن يستهين المجرمون بالمؤمنين لهذا الحد، وقرر أن يلجأ إلي العنف ويستعيد للإسلام هيبته..