نبوءته وإخباره صلى الله عليه وسلم
بفتح الحيرة وهبته الشيماء بنت بفيلة الأزدية لخريم بن أوس
قال أبو نعيم : حدثنا محمد بن معمر قال ثنا عبد الله بن محمد بن ناجية ، قال : ثنا أبو السكين زكريا بن يحيى الطائي ، قال حدثني عم أبي زخر بن حصن عن جده حميد بن منهب قال : قال جدي خريم بن أوس : هاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقدمت عليه مُنْصَرَفَة من تبوك ، فأسلمت فسمعته يقول : هذه الحيرة البيضاء قد رفعت لي ، وهذه الشيماء بن بفيلة الأزدية على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود ، الاعتجار بالشيء : هو أن يلفه على رأسه ويرد طرفه على وجه ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه .
فقلت : يا رسول الله إنا نحن دخلنا الحيرة فوجدناها كما تصف فهى لي ؟
قال: هى لك
قلت : ثم كانت الردة ، فما ارتد أحد من طئ ، فأقبلنا مع خالد بن الوليد نريد الحيرة ، فلما دخلناها كان أول من تلقانا الشيماء ، بنت نفيلة ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود فتعلقت بها .
فقلت : هذه وصفها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني خالد بالبينة فأتيت بها ، فكانت البينة محمد بن مسلمة ومحمد بن بشير الأنصاريان ، فسلمها إليّ خالد ونزل إليها أخوها عبد المسيح بن نفيلة يريد الصلح .
فقال : بعينها .
فقلت : لا أنقصها والله من عشر مائة فأعطاني ألف درهم وسلمتها إليه .
فقالوا لي : لو قلت مائة ألف لسلمها إليك
فقلت : ما كنت أحسب أن عددا أكثر من عشر مائة .
قلت : وهذا صحابي لا يعلم بعد الألف عددا ، وهذا الحديث من أعلام نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه حدث عن أمر من الغيب لا يمكن تصوره بالظن ولا التخييل ولا التوقع فإن تصور انتصار العرب المسلمين على الفرس كان أبعد من الخيال ولقد حدث عنه النبي صلى الله عليه وسلم بصفته حقيقة واقعة ووقع الأمر كما حدث به تماما .
وقد روي هذا الحديث الإمام بن حبان رحمة الله كما في الموارد : أخبرنا ابن أسلم حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ، حدثنا سفيان ، عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم بن عدي بن حاتم قال :قال رسول الله : مثلت لي الحيرة كأنياب الكلاب وإنكم ستفتحونها .
فقام رجل فقال : هب لي يا رسول الله ابنة بفيلة الأزدية .
فقال : هى لك فأعطوها إياه .
فجاء أبوها فقال : أتبيعينها .
فقال : نعم
قال : بكم ؟
قال : احتكم ما شئت .
قال : بألف درهم .
قال : قد أخذتها فقيل : لو قلت ثلاثين ألفا .
قال : وقال : وهل عدد أكثر من ألف ؟
قال الحافظ الهيثمي : قلت هكذا وقع في هذه الرواية أن الذي اشتراها أبوها وأن المشهور أن الذي اشتراها عبد المسيح أخوها والله أعلم .